توطئة:
كتاب ثقوب في رداء العدالة صدر عن مركز شؤون المرأة في غزة، وهو يجمع 300 قصة إنسانية توثق جرائم الاحتلال
الإسرائيلي خلال العدوان الاسرائيلي الأخير على قطاع غزة يوليو/تموز 2014،
والانتهاكات المرتكبة ضد النساء في القطاع من منظور القانون الدولي الإنساني
وتسلط الضوء على أدق التفاصيل الصعبة التي عشنّها آنذاك.
تُرجِمَ الكتاب للغة الإنجليزية لتصل مذابح الاستعمار
الصهيوني للعالم، وجاءت فكرة ترجمته إلى لغة موليير، ليكون نافذة للعالم
الفرنكوفوني، من خلالها سيدرك هذا العالم الغارق في أنانيته، أن حقوق الإنسان التي
تغنّى بها فلاسفة الأنوار إبان الثورة الفرنسية والتي دافعت عن حرية الناس
ومساواتهم والحفاظ على كرامتهم، سيدرك أن هذه المبادئ تخترق وتنتهك يوميا وكل ساعة
من طرف المستعمر الإسرائيلي.
ترجم الكتاب بمناسبة مشاركة وفد نسائي فلسطيني في
مهرجان "بصمات بالنون" المنظم بمدينة آسفي، بمناسبة اليوم العالمي
للمرأة 8مارس 2016 ، من طرف ثماني متطوعات مغربيات اخترن التضامن مع المرأة
الفلسطينية لتصل جرائم الصهيونية في حق الشعب الفلسطيني الأعزل إلى أكبر عدد من
القراء في العالم.
مغربيات مختلفات التوجه والتكوين والأذواق.. لكم
جمعهن حب فلسطين، وإيمانهن بالقضية الفلسطينية.... وهن: فاطمة فوزي، فرح أشباب،
مريم شوقي، نعيمة جكوني، حبيبة كلفي، مريم البتول رسيبي، منى الشاذلي، مثال
الزيادي.
عن الكتاب:
لا أدري لماذا استحضرت الشهادة
الشخصية التي نشرها الأديب والشاعر الفرنسي جان جينيه في مجلة «الدراسات
الفلسطينية« بالفرنسية، والتي أرخ فيها لمجزرة صبرا وشاتيلا سنة 16-9-1982 وسجل
فيها انطباعاته حين دخل مخيم شاتيلا بعد المجزرة.
وكان نصه هذا محاولة يائسة لتحقيق العدالة للشهداء.. من خلال تسجيل هذه
الجرائم وتوثيقها حتى يعرفها العالم أجمع.
أربع ساعات في شاتيلا لجان جنيه، المعروف عنه
انحيازه للقضايا الكبيرة كقضية الفلسطينيين، ويعود ذلك لعدالتها وسموّ الكرامة في
الأرواح الحرّة والرافضة للذل التي بذلت فيها...
تحولت نص أربع ساعات في شاتيلا لمسرحية للمخرج
الفرنسي ستيفان اوليفييه بيسون، وبعد ترجمتها للغة لعربية من طرف الكاتب المغربي
محمد برادة، أخرجها مسرحيا عبد الواحد عوزري ومثلتها الفنانة ثريا جبران لموسم
2002.
هذا التقاطع بين الكتابين أجده يتمثل في كونهما، من
جهة يشتركان معا في كونهما يؤرخان للحظات الموت التي ارتكبت في حق الشعب
الفلسطيني، مع اختلاف المحطات التاريخية، ومن جهة أخرى كون الموثق صحفي أو صحفيات.
اعتمدوا زيارة ميدانية لمكان المجازر، ثم توثيقها بالصورة أيضا.
يضم الكتاب الأصلي الذي صدر بالعربية صورا توثق
المجازر، التقطتها عدسات مصورات فلسطينيات، لكن وكما يقول جان جينيه
"La photographie ne
saisit pas les mouches ni l’odeur blanche et épaisse de la mort. Elle ne dit
pas non plus les sauts qu’il faut faire quand on va d’un cadavre à l’autre.."
"إن الصورة الشمسية لا تلتقط الذباب، ولا رائحة
الموت البيضاء والكثيفة. إنها لا تقول لنا القفزات التي يتحتم القيام بها عندما
ننتقل من جثة الى أخرى" .
وأنا أضيف أن الصور لا تستطيع أن تلتقط أيضا أحزان الناس أو تنقل لنا
إحساس قلوبهم المفجوعة..
يضيف أيضا جان جنيه:
" L’amour et la
mort. Ces deux termes s’associent très vite quand l’un est écrit. Il m’a fallu
aller à Chatila pour percevoir l’obscénité de l’amour et l’obscénité de la
mort."
"الحب والموت، هاتان الكلمتان تتداعيان بسرعة كبيرة عندما تكتب إحداهما على الورق. لقد كان عليّ أن أذهب الى شاتيلا لأُدرك بذاءة الحب وبذاءة الموت. فالأجساد في الحالتين ليس لديها ما تخفيه."
"عندما يغيب
التاريخ تضيع الحقيقة"، ربما كانت هذه الجملة هي التي أوحت لأحد ما أن يكتب
عن مجازر الإسرائيليين كي تظل حاضرة في ذاكرة الأجيال القادمة حتى لا تفقد القضية
مشروعيتها..
أقول كما قال جونيه "إنني لم أرَ هذا الجيش
الإسرائيلي رؤية العين والأذن، غير أنني رأيتُ ما فعله." وقرأت. وإذا كان جان جينيه كتب عن دمار
بيروت "لم أكن أشاهد دمار بيروت كنت أشاهد موت الإنسان"، فإن دمار غزة
أيضا يعتبر إضافة لكونه موت الإنسان، هو موت لضمير العالم..
على سبيل الختم
أعترف أني لا أستطيع أن أتصور حدود المنطق والخيال
حين تمتزج الحياة بالموت..
لست صحفية لأنقل الوقائع بحياد.. فأنا أجبن من ذلك،
كل ما أقوله تغلفه ذاتي، وتختلط فيه دموعي مع آهاتي، لذلك من الصعب أن أنقل ما
ترجمته كأني أحكي عن نزهة ربيعية في يوم مشمس.. كما لا يمكنك أن تتحدث عن الموت
وأنت في كامل أناقتك..
لا أدري أين قرأت عبارة "إن كانت نساء العالم تحصلن على وردة في اليوم العالمي
فإن نساء فلسطين هن الورود اللاتي توضع على الرؤوس تقديراً لعطائهن في كل ميادين
الحياة ...فهي الشهيدة والجريحة وأم الأسير وأم الشهيد وبالوقت نفسه صانعة الأبطال."