الخميس، 7 مايو 2015

أوراقُ سُورية تتساقطُ قُرب بابي


"إلى كُل الوُجوه التي غادَرَتْ..
 وتَرَكَتْ جِراحَها مُسَجاة أمَام الأسْواق المُمْتازة.. وعَتَباتِ المساجد.. ورصيفِ الطرُقات المُغبَرة.."

صَارُوا فَراشاتٍ مِنْ عَدَم
أطفالُنا بِحمص.. وادلب.. ودرعا
يَزْحَفون بثبات نحو نَخْبِ المِقْصَلة
ومِن على قِمة المَبْنى المُتبقي نِصْفُه فقط
غادر آخِر وجْهٍ ضَمتْهُ أمي..
حَبيبي فَجر نَفْسَهُ أمَامَ مَصْنعِ الزيْت
هارِبًا يَتشبتُ بالمُسْتحيل.. ليُفاجِأ الشمْس
يُلَمعُ مُسَدسَهُ ويَنْتظر
ثَمةَ شُجَيْراتٍ تَنْتظرُ لَحْدَها
قُرْبَ وُجوهٍ امْتَدت في الخَفاء لِتَسْتقبِلَ البُطولة

مَلَكَة
للقَناصَة هُدْنَةٌ تتمايَل بِبَهاء
لا تَسْتسْلمُ لِغِوايةِ الرحيل
ولا لِحِبْر رِسَالة أخيرة
أو قُبْلة حَبيبَةٍ تَنْتظِرُ تَحْت شَجَرةِ الرمان..

صُبْحِية..
وسِجارَةٌ في يَدها تُطْفئُ الحَرائق
رَأيتُ قلبَها يَلتحِفُ عَباءةً سَوْداء
كَرَاهبٍ يَتْلو قُداسَهُ الكَبير
دُون مُصَلين..
صُبْحِية..
رِحْلةٌ في لُغَة الحَرْب
بيْن لَغَطِ البَاعَةِ المُتَجَولين..
أمَامَ أبْوابِ المَسَاجِد
تَهْجُرُني جَسَارةُ التأقلُمِ.. وعَيْناكِ تَسْألانِ عنِ الإيجَار
وحَليبِ الأطْفاَلِ.. والفواتِيرِ المُتأخرَةِ
تَقْتَحِمين أنْفاسِي.. وأنا في طَريقي إليْك
أُسَائِلُ القَدَرَ عما يُخبئ
لاِمْرأةٍ بِلا مَدائِنَ تَلجَأُ إليْها..
 عِنْدمَا يَنامُ الناس

نَجْمَة
مُشْرِقةٌ كابْتِسَامَات الأطْفال
كقوس قُزَح عَجُوز
لِمَن تَرَكُوا مَقاعِدَ الدراسَة
للمِرْآة غَيْرةٌ
وادْلَب تَهْتفُ بأهَازيجِ الوَداع
مُعَلمَةُ اللغاتِ أتَذْكُرينَها.؟
ومَصْنَعَ السيرامِيك، وحديثَ جَدتِك

تُرْكِية..
 مَتى تُـزْهِرُ تِلكَ الوَرْدةُ المَوشُومة على  يَدِك..
رُبما أزْهَرَتْ..
وأنْتِ مازِلْتِ تبْحثينَ عنِ الحُب

وفاء

مُحمد غَادَر دُونَ شَهادةِ وفاة
أبَى أنْ يَنْحَني ..فَقَبلتْهُ رَصَاصَةٌ على الجَبِين..
ابتسَامَة بِحَجْم هذه الحَرب التي لم تَرْحل
تَنامُ قُبيْل حُلولِ المَساء
حَفَرَ اليَأسُ أخَاديدًا في قلبِهِ.. فَماتْ
لِيغْبطْكِ التاريخ
ومِيليشياتِ التحْرير
والجَماعَاتُ المُسَلحَة
وكُل الفَصَائِلِ
أَقْبِلي مُثْخَنَة .. بِيَتيمَيْنِ.. حَيْثُ لا دَليل
خطأً غادرَ الجَميع.. في سُرْعة مُدْهِشة
قبْل أن يُحِبوا بَعْضَهم كِفاية
قَبلوكِ على عَجل
فأمْسَيْتِ فرحًا على صَهْوة التيه
بَهِيةٌ حَد الوَجَع
وأنْت تتسعين لكافة الاحْتِمالات.
حِين تتأوّهينَ في صمْتٍ
تَطْلعُ شَمْس الصّباح
قَصِيدةً مِنْ بَيْتٍ واحدٍ
ودَمْعَتين..
وقُبْلةٌ عَلى الجَبِين
تَنْتظِرُ المَغْفِرة.

صُبحي
للحَي ذِكرى
للحُب بيْن حَواريه رائِحة البيلسان
تَشيخُ رُوحُ أخي الصغير
مُلْتفِتا إلى رَفيقِ صَفه
يَسْتعِد لرِحْلة أكْثرَ مُتْعة
على أكْتافِ مَن تَبَقوا
إدْلب.. وَلَجَتْ باب الغُبْن
 دُونَ مَوْعِد..
وعَبَرَتْ رَصِيفَ الأُمْنِيات

فَضْلاً.. عودي

مِنْ نافِذة غُرْفتي
أُرَمم الأبْراجَ العتيقة
دون إحْسَاس بالذنْب
وأنا أرْتَشِفُ نَشْرة الأخْبار البارِدة
سَماؤُنا اليوم تَحْتاجُ أكْثرَ مِن الحُب
لتتوهج..
غَيْمةٌ تُداهِمُني مُنْتصفَ الوَجع
تَعْبرُ أمَام الجميع.. خِلْسَة
عُودي لبَعْضِ الوقْتِ حتى أمْلأ بِطيْفك
جَفافَ دُروبي..

ثُم ارْحَلي..

الاثنين، 30 مارس 2015

مَوْسِمُ الاغْتِيالات


مَوْسِمُ الاغْتِيالات  

اخْتفَى أُسَامة حينَ كان عائدا قُرْب الحُدود
وجَلْجَلة تَحْمي قُلوبَنا مِن فُرْسانِ الظّلام
آذارُ أبدا لم يَعُد كمَا كان..
إطارُ الصُّور القديمة يتصدّرُ أخبارَ المساء
مَللنا صَلاةَ الجنازة
لِقُبورٍ تَحْتضِنُ كُل الألوان
سُقراطُ لمْ يَكُن حَكيما
الحِكْمةُ في  خَريفِ هذا العام

سَأنامُ قليلا
أزيزُ الرّصاصِ يُراقِصُ صوامِعنا العَتيقة
يُضاجع تاريخَ المُدنِ  
وهُناك.. في مكانٍ ما.. بيْنَ رُكام البُيوتِ وقَلْبي
غِناءٌ رخيمٌ لثوارَ مُنْهكين
يَتبادَلون التّهانِي
بنَصْر مُؤقّت.
أهازيجُ الشّهادة تتأبّط ألمَ رصَاصةٍ غادِرة
حَبيبتُكَ مازالتْ تَنْتظِر،
لا مَجال للدُّموعْ
لا مجال للرُّجوعْ
حين يَخونُ الوطَن..

بقدمٍ مكسورة
مَررْتُ بِحَضْرموت
واحْتسَيْتُ شايا شامِيا بطَعْمٍ غَريب

عزيزي أُسَامة
بعْدَ التحِيّة والسّلام..
لَعلَك بِخيْر حَيْثُ أنْت..
كُلّ شيْء يَقْصِفُ هُنا ..
الوُرُود غادَرتْ مع جارِنا أبي عَدْنان
بقيَ ألبُوم صُورِك
صامِتاً كمَقبرةِ الحيّ الجَديدة
حاصَرونا أمْس فأكَلنا ما تَبقّى مِنْ شَجرِ الياسَمين
حينَها كانتِ المَلائِكةُ
بِصمْتٍ ترْقُبُ
 اغْتِيَال عَاشِقَيْن.

الاثنين، 26 يناير 2015

هُدْنةٌ .. كانتْ بَيننا



وأنْتَ تَنْتَشي أمام سَاريةِ الجَامِعِ الكَبِير
ابْنُ بَطوطة عَاوَدَهُ الحَنينْ
رحيقُكَ يَلْسَعُني.. وثَمَّةَ أبْطالٌ داهَمهُم الحُبّ
طَفَقُوا يَغْسِلونَ قُلوبَهُم بِعِطْرِ المُوناليزا..

لِلْبَهاءِ جُموحٌ يَغْزوكَ رَمادًا
كَشَيْبِ الخَمْسينْ
وكَفٌّ تُقاطِعُ قافِلةَ التَّمْوينِ
عَذْراءَ تَقفُ كَشَجرةِ أرْزٍ بانْتِظارِ المِقْصَلة..
تُدَرّبُ صَوْتها للغِناء..
ابْتعِدي عنِ الكٍنايَةِ والمَجاز

واقتربي مني
فالسُّوبْرانو يَليقُ بكِ أكْثَرْ..

وأنْتَ تَنْتَشي أمام سَارِيةِ الجامِع الأعْظَمِ..
تَرْقُصُ الفَوانيسُ قبْل إغْفاءَة يَنايِر
وثَلْجٌ يَسْتأصِل البَراءَة مِن عُيونِ العًجائِز


خَذلَتْني قَهوةُ الصّباح
وَوِسادتي البَاردة
وفِكْرتي الّتِي أدَارتْ وَجْهها صَوْب البَحر
الزّمنُ الَذي يَرْقُصُ قُربَ ظِلالِ القَلْبِ..
وَحْدها عُيونُكَ يُطِلُّ مِنْها الفَجْر
وتِمثالُ بوذا حين ابْتَسَم لي 
لمْ تَكُن قَصيدتي مَمَرّا آمِنا يُجهِشُ بالرّغْبة
كانَتْ خَطِيئةً في ليْلَةِ المِيلاد..